مداخلة وزير السياحة و الصناعة التقليدية، السيد ياسين حمادي، في اللقاء الوطني للمصالح الخارجية لوزارة السياحة و الصناعة التقليدية

2021/11/23

نُرحِّبُ بكم جميعا في هذا اللقاء الوطني الهام الذي يجمعني بكم في شهر نوفمبر المجيد شهر الثورة التحريرية المباركة، بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه على مخطط عمل الحكومة في شهر سبتمبر الماضي و الانتهاء من إعداد خارطة الطريق للقطاع، هذا اللقاء الذي نهدفُ من خلاله إلى تدعيم التنسيق و توحيد الرؤى و رفع مستوى الأداء و تعزيز فعل التواصل بين هياكل و مؤسسات القطاع و تكريس مبدأ الشفافية و التقييم للأعمال المنجزة، علاوةً على اعتماد مقاربة استشراف و توقّعٍ لمستقبل تطوير القطاع.

لقد حظي قطاع السياحة و الصناعة التقليدية باهتمام خاص من طرف السيد رئيس الجمهورية، باعتباره أحد الروافد الأساسية للاقتصاد الوطني، عقِبَ العرض الذي تقدمنا بهِ فـي اجتماع مجلس الوزراء ليوم 12 سبتمبر 2021 حول التدابير الاستعجالية لإنعاش النشاط السياحي، و قد تجَسَّدَ هذا الاهتمام في التوجيهات و الأوامر التي أسداها خلال ترأسه لذات الاجتماع، و القاضية بما يلي:

- الاهتمام بالسياحة الداخلية من خلال الارتقاء بالخدمات السياحية لمستوى تطلعات العائلات الجزائرية.

- ترقية السياحة الحموية وطنيا و دوليا.

- مراجعة سياسة الأسعار الحالية لخلق تنافسية حقيقية بين المستثمرين.

- إشراك الممثليات الدبلوماسية الجزائرية في التعريف بالمنتجات التقليدية الوطنية، والترويج لها، بما في ذلك تخصيص فضاءات لإقامة معارض دائمة.

- تنظيم الصناعات التقليدية وفق المعايير الدولية لضمان جودة المنتوجات التقليدية وأصالتها.

كما أن مخطط عمل الحكومة من أجل تطبيق برنامج السيد رئيس الجمهورية، أولى لقطاع السياحة و الصناعة التقليدية عناية كبيرة من خلال إدراجه ضمن فصل التجديد و الإنعاش الاقتصاديين ، و الذي تُعَوِّلُ عليه السلطات العمومية لإحداث التحول المنتظر كونه قطاعٌ خلاَّقٌ للثروة و منشئٌ للشُّغل، يُسْهِمُ بصفة مباشرة في رقي أفراد المجتمع و تحسين معيشتهم.

أيها الحضور الكريم،

لقد تناول مخطط عمل الحكومة فيما يخص تطوير القطاع، محاور أساسية نوجزها فيما يأتـي:

- تنفيذ مخطط ترقية وجهة الجزائر السياحية و جعلها أكثر مرئية لبلوغ الاحترافية و جودة الترويج و التسويق،

- مرافقة وكالات السياحة و الأسفار و دعم نشاطها و تسهيل منح التأشيرة لفائدة السياح الأجانب،

- تنمية السياحة الداخلية باستحداث مسارات سياحية موضوعاتية ضمن أقطاب امتياز سياحي و تطوير منتوجات السياحة الثقافية و الدينية و الحموية،

-دعم الاستثمار السياحي باعتباره محرّك التنمية في القطاع، و العمل على معالجة إشكالية العقار السياحي، مع مرافقة المستثمرين الجادِّين و الحقيقيين بوضع أوعية عقارية تحت تصرفهم،

و في هذا الإطار، كلنا حرصٌ على أن يكون التعديل الجاري للإطار التشريعي التنظيمي للاستثمار، مساعداً على الاستفادة الفعلية من نظام امتيازات محفّز ينعكسُ بالإيجاب على قطاعنا، مع مراعاة متطلبات الجودة و التنافسية و مواكبة المقاييس الدولية.

- تطهير العقار السياحي و استرجاع ذلك الممنوح غير المستغل، مع تشجيع الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص لاسيما فيما يخص التهيئة،

- إعادة بعث مخطط جودة السياحة الجزائرية و تحسين أداء جهاز التكوين.

- تفعيل المجلس الوطني للسياحة، باعتباره الإطار الأمثل للتشاور و مركزا لاتخاذ القرارات التي من شأنها تشجيع تنمية النشاطات السياحية و ترقيتها، (جدير بالذِّكْر أنَّ المرسوم الرئاسي رقم 21-440 المؤرخ في 07 نوفمبر 2021 الذي يعدّلُ و يتمِّمُ نص إنشاء هذا المجلس في 2002 ، قد صَدَرَ في العدد رقم 86 للجريدة الرسمية ).

كما أفرَدَ مخطط عمل الحكومة، للصناعة التقليدية أهمية كبيرة، باعتبارها الرفيق الدائم لتنمية السياحة من خلال تأكيده على ما يلي:

- حماية منتوجاتها و وضع التدابير اللازمة لمكافحة التقليد في هذا المجال،

- أهمية تكوين الموارد البشرية لتأهيلها و ضمان احترافيتها،

- تعزيز و تكثيف عمليات الترقية و التسويق للمنتجات على مستوى السوقين الوطنية و الدولية

- إيجاد آليات تمويل تدعَمُ نشاطات الصناعة التقليدية قصد ضمان إسهامها الدائم في إسناد الحرفيين و دعم برامج التنمية لفائدة مختلف الفئات الاجتماعية و جعلها عامل تطويرٍ لكل مناطق الوطن في إطار مسعى التوازن الإقليمي و تحقيق العدالة الاجتماعية.

مثلما أكد مخطط عمل الحكومة، على حتمية مواكبة التشريعات و القوانين لحركية القطاع كونها قاعدة انطلاق للتغيير المنشود، من خلال إعداد قانون توجيهي للسياحة و تكييف كل النصوص التشريعية و التنظيمية مع التحولات الجديدة.

أيها الحضور الكريم،

لقد تمخضَ عن هذا المخطط، خارطة طريق القطاع (آفاق 2024 ) محدّدَةِ الأهداف و مضبوطة الآجال تقوم على إعطاء الأولوية لإنشاء و تهيئة العقار السياحي و وضعه تحت تصرف المستثمرين عبر تصنيف مناطق توسع سياحي جديدة، و التصديق على مخططات تهيئتها من أجل توفير قطع أرضية للاستثمار.

و قدْ وُضعَ هدف تنمية السياحة الداخلية ضمن الأولويات بإطلاق مشاريع جديدة تندرج في هذا الميدان و استكمال برنامج تأهيل و عصرنة المؤسسات العمومية، فضلا عن تطوير المسارات السياحية الموضوعاتية بتنوعها و ثرائها، لاسيما منها في ميدان السياحة الصحراوية باعتبارها منارة السياحة الوطنية في ظل السكينة و الأمن اللذين يَنعمُ بهما بلدنا العزيز ، حفظه الله و رزق أهله من الطيبات.

و بالنظر للطاقات الكبيرة التي تتمتع بها الجزائر في مجال السياحة الحموية، فقد أُدْرِجَ تطوير هذا المنتوج ضمن الأهداف الرئيسية من خلال السعي لعصرنة الحمامات التقليدية بالتنسيق مع السيدات و السادة الولاة، و تخصيص أوعية عقارية لإنجاز محطات حموية جديدة و مراكز المعالجة بمياه البحر على مستوى الولايات الساحلية.

وقصد ضمان مرئية أكبر للصورة السياحية لبلادنا التي لا نظير لها، في مختلف الأسواق الدولية، يعكِفُ قطاعنا على إتمام المخطط التسويقي لوجهة الجزائر السياحية بالتعاون و الشراكة مع المنظمة العالمية للسياحة و برنامج الأمم المتحدة للتنمية، هذا المسعى الذي تدعَّمَ باللقاء المنظم مؤخرا، تحت إشراف السيد رئيس الجمهورية، للبِعْثَات الديبلوماسية للجزائر بالخارج بحضور السفراء و القناصلة، و الذي انبثقت عنه توجيهات هامَّة تتعلق بضرورة إسهامها في الترويج لوِجهة الجزائر السياحية.

و فيما يتعلق بالصناعة التقليدية فإنه تمَّ التأكيد على حماية منتجاتها و دعم خصوصيتها و تميزها مع تشجيع عمل الترويج لها وتحديث أساليب تسويقها في مختلف الفضاءات وطنيا و دوليا، كما لتنمية المقاولاتية التي أصبحت في العصر الراهن القلب النابض و المحرك الأساسي لكل القطاعات الاقتصادية، مكانتها المحورية لما تُسْهِمُ به في خلق نشاطات جديدة و توفير مناصب الشغل.

علاوَةً على ذلك، و بالنظر لأهمية رقمنة قطاع السياحة و الصناعة التقليدية بالاعتماد على التكنولوجيات الحديثة، فإننا نعمل على تجسيدها ميدانيا كما وضعناها ضمن أولويات خطتنا لتطوير القطاع و النهوض به و تسهيل خدمات المرفق العام و تفعيلها عبر استخدام المنصات الرقمية و الوسائط الاتصالية.

أيها الحضور الكريم،

على ضوء التحديات و الرهانات التي تنتظرنا، فإنَّه وجَبَ علينا كلٌّ من موقعه، تحمُّل المسؤولية الكاملة في تنفيذ مخطط عمل الحكومة من خلال خارطة الطريق التي سيتم التفصيل في محتواها من خلال المداخلات المبرمجة، كما أنّـها ستكون محلَّ متابعة و مساءلةٍ دائمتين و تقييم دوري، يتمُّ على إثرها الوقوف على مكامن النقص و التقصير و معالجة كل الوضعيات في وقتها.

ختاما ندعوكم إلى الإسهام بالأفكار و الاقتراحات البنّاءة في أشغال هذا اللقاء، و كذا التحلي بالمسؤولية و الالتزام في ممارسة مهامكم، فَهُمَا رهان النجاح و بُلوغِ الأهداف التي نطمحُ معاً لتحقيقها.

وفقنا الله و سدَّدَ خطانا لما فيه خير وطننا و ازدهار قطاعنا،

المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار

أشكركم على كرم الإصغاء و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.