كلمة وزير السياحة والصناعة التقليدية و العمل العائلي، السيد محمد علي بوغازي، بمناسبة اللقاء الوطني مع إطارات القطاع.

بسم الله الرحمن الرحيم 
السلام عليكم
أنا جد سعيد أن أكون بينكم اليوم في هذا اللقاء الجامع للمدريين الولائيين للسياحة و الصناعة التقليدية و العمل العائلي و المديرين الولائيين لغرف الصناعة التقليدية و الحرف و الذي يحضره إطارات الوزارة و مسؤولي المؤسسات تحت وصايتها. و هي سنة حميدة نعمل على تكريسها في التواصل بين الإدارة المركزية للوزارة و المديريات الولائية.
 
أيها الحضور الكرام.
نستحضر اليوم ذكرى غالية على قلوبنا و هي عيد النصر، اليوم الذي تم فيه توقيف القتال، بعد مفاوضات طويلة و عسيرة، حقق فيها أبطال الجزائر إنتصار دبلوماسيا على أعتى إستعمار المدعوم من الحلف الأطلسي و أجهضوا خلال هذه المفاوضات مناورة فرنسا الإستعمارية التي عملت على فصل الصحراء عن الجزائر البلد الأم، مما أمد في عمر المفاوضات إلى سنة أخرى، كما أن هذا الشهر هو شهر الشهداء فقد إستشهد فيه كل من الشهيد العربي بن مهيدي و الشهيد مصطفى بن بولعيد و الشهيد سي الحواس و الشهيد عميروش و الشهيد العقيد لطفي فيحق لنا أن نخلد ذكرى أبطال الجزائر و شهداء الحرية و الإنعتاق. فلهم منا كل التحية و التجلة و لهم علينا أن نحفظ أمانتهم و نصون و ديعتهم.
 
فهذا هو أول لقاء لي معكم بعد تسلمي المهام وزيراً للقطاع، يأتي ختاماً لسلسلة الإجتماعات التي باشرتها مع كل المتدخلين في القطاع من إدارة مركزية إلى مؤسسات تحت الوصاية إلى مجمع ʺفندقة و سياحة و حمامات معدنيةʺ، توسعت لتشمل الشريك الاقتصادي (تنظيمات رجال الأعمال). و الشريك الاجتماعي (التنظيمات النقابية و المهنية). كانت هذه الإجتماعات فرصة جيدة للوقوف على التحديات التي يعرفها القطاع و مكامن قوته و مواطن ضعفه، و كذا أهم الإنشغالات و الصعوبات التي يعيشها أهل القطاع و المتعاملين معه. كما سمحت هذه اللقاءات بوضع تصور أولي و مقاربة عملية لكيفية معالجة القضايا العالقة و إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات المطروحة.
لقد سجلت بإرتياح روح المسؤولية، و صدق الإرادة لدى الجميع للعمل معاً في إطار الحوار و التشاور و في جو تسوده السكينة و الإحترام المتبادل.
 
أيها الحضور الكرام 
لقد أكد السيد رئيس الجمهورية في رسالته بمناسبة إحياء الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات و تأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين وأقتبس من رسالته قوله ʺعلى ضرورة توسيع الإستثمارات في قطاعات حيوية كالفلاحة و السياحة للخروج الفعلي من تبعية طال أمدها لريع البترول و الغازʺ.
إذن فالدولة تراهن على جعل قطاع السياحة رافعة إقتصادية و إجتماعية تسهم في خلق الثروة، و تولد مناصب الشغل، خصوصا و الجزائر قد حباها الله بقدرات سياحية متنوعة، بين سياحة صحراوية و سياحة شاطئية، مروراً بسياحة حموية و صحية إلى سياحة  جبالية و أخرى سياحة دينية و ثقافية و سياحة رجال الأعمال و السياحة المغامرتية.
فكل أنواع هذه المساحة الواسعة للسياحة، قادرة على أن تلبي الطلبات الداخلية و طلبات جاليتنا بالخارج و طلبات أكثر الدول توريداً للسواح.
هذا بالإضافة إلى ما تملكه الجزائر من منشآت قاعدية مهيكلة لإقليمنا و حظيرة فندقية في نمو مستمر.
تبقى نوعية الخدمة تحتاج إلى تحسين و ترقية مستمرين.
و تحوز الجزائر على حظيرة فندقية تجاوزت 1500 فندق. كما شرع مجمع ʺفندقة و سياحة و حممات معدنيةʺ منذ أكثر من خمس سنوات في إعادة تهيئة عدد من الفنادق، و اليوم تتعزز الحظيرة الفندقية بدخول بعضها الخدمة بحلة جديدة تستجيب للمعايير الدولية.
و من مشمولات الوزارة كذلك قطاع الصناعة التقليدية و الحرف و هو ذو علاقة طبيعية مع السياحة، بإعتباره حافظاً للتراث، و هي نتاج حضاري لآلاف السنين من التفاعل الحي بين المجتماعات المحلية و ما تحمله من رؤى و قيم حضارية و بين بيئتها الطبيعية و بين المجتماعات الأخرى.
فالصناعة التقليدية مكون أصيل للذاكرة الحضارية و مخزون للخبرات الحياتية و الإمكانات الإنتاجية الذاتية المتاحة داخل كل مجتمع محلي.
و تشمل الصناعة التقليدية كما تعلمون الغذاء و النسيج و الفخار و الخزف   و الحلي و كل ما يتعلق بإحتياجات الإنسان، بالإضافة إلى أنها مورد كبير للدخل، قادرة على تشغيل يد عاملة واسعة خصوصاً العنصر النسوي.
يكفي أن أقول أنه خلال سنة 2020 تم إنشاء 31957 نشاط حرفي، منهم 10959 حرفية. و إحداث 85347 منصب شغل.
و في منظور عودة الإنسان إلى الموضوع الهوياتي، و إلى كل ما هو أصيل و طبيعي، تزايد الاهتمام العام بالتراث اللامادي و المادي، لما فيه من خصوصية تاريخية و حضارية، و بالنظر إلى أن الصناعة التقليدية و الحرف عادة ما تكون ثمرة جهود أجيال متعاقبة، تتوارثها أباً عن جد.
و الوزارة تضم أيضا ضمن مشمولتها العمل العائلي ليكتمل بنيانها.
فنشاط الوزارة يشمل مرافقة و تقديم يد العون إلى الأسرة و العائلة المحافظة على مورثنا التاريخي في مختلف الميادين، و كذلك الأسر المشتغلة بأعمال من شأنها رفع دخلها، سواء كان ذلك في الفلاحة و غيرها.
إن كثيراً من هذه العوائل المشتغلة في المهن و الحرف تتواجد في القرى و المداشر و في مناطق الظل. 
و تعمل الوزارة على تنظيم هذا العمل العائلي و تسعى للإستفادة من الخبرات الخارجية.
كل هذه الميادين التي هي من مشمولات الوزارة، لا يمكن أن ينتعش و يتطور إلا من خلال التأطير الجيد و التكوين الرصين، و التأهيل النوعي، خصوصا و نحن نعيش ما يعرف بمجتمع و إقتصاد المعرفة، فيصبح من البديهي أن نجعل المعرفة طريقنا و أداتنا لتطوير القطاع.  و لذلك فإن التكوين سيحتل  مكانته الطبيعية في عمل الوزارة بتنشيط:
المدرسة الوطنية العليا للسياحة،   
المعهد الوطني للفندقة و السياحة بتيزي وزو، 
المعهد الوطني للفندقة و السياحة ببوسعادة. 
و ذلك من خلال تطوير برامجها و تكييفها مع المستجدات الحاصلة في العالم،  و كذلك تطوير قدرات المؤطرين و المكونين، و تنويع مسارات التكوين بما يتلائم مع متطلبات الواقع و يستجيب لإحتياجاته المتجددة.
هذا التكوين المتخصص و النوعي، يسهم في تحسين الخدمة و الإرتقاء بها إلى مستوى المعايير الدولية، لتلبية حاجات الزبائن و الحصول على ثقتهم و رضاهم، كما سنعمل على ربط التكوين بالجانب التطبيقي، من خلال ربط الصلة بين المدرسة الوطنية العليا للسياحة و المعاهد المتخصصة في الفندقة و السياحة  و المؤسسات الاقتصادية ذات العلاقة بمجالات الفندقة و السياحة و حتى الصناعة التقليدية.
و قد يكون من الفائدة أن يستغل المتاح من إتفاقيات التعاون التي تبرمها بلادنا مع الدول الشقيقة و الصديقة. عبر إستغلال فرص التكوين و الرسكلة المتوفرة عبر تبادل الخبرات  و المعارف و التجارب.
فالجزائر لها علاقة ودية و قوية مع كثير من دول العالم، يمكن بالتعاون معها، تطوير منظومتنا التعليمية و التكوينية في السياحة و الصناعة التقليدية.
 
أيها الحضور الكرام.
إن العالم اليوم قد دخل مرحلة جديدة من حياته مستفيدا ً من التطورات الهائلة الحاصلة في عالم التكنولوجيا و المعرفة بصفة عامة، و خصوصاً في ميادين الرقمنة و الذكاء الاصطناعي.
و الجزائر حريصة على أن تطور قدراتها في مجال الرقمنة لتسهيل المعاملات التجارية و الإدارية، و تيسر الخدمة على المواطنين و مما يزيد من الشفافية. و في هذا الصدد قامت الوزارة بمجهودات من خلال وضع أرضية تخص سبعة (07) نشاطات موزعة على عشرين (20) إجراءً ، يتم اليوم التعامل بها، و تعلمون أيها الحضور الكرام أننا نعيش أيضاً في عالم السرعة و الآنية، خصوصا من خلال إستعنمال شبكات التواصل الاجتماعي، التي أسست لعلاقات جديدة بين الناس على شكل غير مسبوق.
و عليه يمكن الإستفادة مما توفره شبكات التواصل الاجتماعي للترويج و التسويق و الإشهار.
فعليه لابد من تطوير أداتنا الإعلامية للتكيف مع مستجدات قطاع الإتصال على المستوى المركزي و الولائي، لتسهيل علاقة دائرتنا الوزارية مع المواطنين و المتعاملين معها.
أما فيما يخص العلاقة بين المركزية و الولايات، فإن توجه الدولة نحو مزيد من اللامركزية، بهدف تقريب الإدارة من المواطن و جعل كثير من المعاملات تتم على المستوى الولائي.
لذلك وجب التكيف مع هذه المقاربة، و تدريب الموظفين و تأهيلهم لهذا التحول النوعي، إن على مستوى معالجة الملفات أو على مستوى إستعمال التكنولوجيا و الأرضيات المخصصة لهذه المعاملات.
أيها الحضور الكرام.
 
يعد هذا اللقاء فرصة للتواصل مع الإطارات الولائية ذات العلاقة المباشرة مع المواطن و المستثمر و المتعامل. و تبادل المعلومات بما يساعد على تطوير أداء القطاع و الإرتقاء به ليكون بحق قوة دافعة لإقتصاد بلادنا الحبيب.
و كل هذا تماشياً مع السياسة المعتمدة من طرف الدولة في القطع مع الفساد  و الرداءة، و تجديد العهد  مع الأخلاق و الكفاءة.
و من هنا لابد أن يلمس المواطن ثمار هذه السياسة في حياته اليومية و في علاقته مع مؤسسات الدولة.
و يحس بالتغيير في أداء ادارتنا على كل مستوى، و كل ذلك بهدف إسترجاع ثقة المواطنين في دولتهم.
 
و قبل أن أختم مداخلتي هذه، بودي إغتنام هذه السانحة للتذكير بالتحديات التي تعرفها بلادنا، فالجزائر بما تملكه من مقدرات هائلة و بالنظر لتاريخها البطولي و كفاءة جيشها القتالية و تحكمه في ناصية المعرفة و التكنولوجيا، فقد تكون محل إستهداف لإضعافها في التأثير في محيطها الجيو إستراتيجي و في القرارات الهامة التي تخص عمقها الأمني، لذلك و جب علينا أن نكون يقضين و في كامل الوعي و المسؤولية لتفويت الفرصة على كل من يتربص بنا.
تلكم هي رسالتي إليكم.
أشكركم على كرم الإصغاء.
و السلام عليكم و رحمة الله